تقع جمهورية ألمانيا الاتحادية في قلب أوربا، فتربط الغرب والشرق، والشمال والجنوب، وهي أكثر دول أوربا سكاناً، ويحيط بها منذ توحيد الدولتين الألمانيتين عام ١٩٩٠ تسع دول مجاورة. وتعتبر ألمانيا بحكم انتمائها إلى الاتحاد الأوربي وإلى حلف شمال الأطلسي شريكة لدول وسط وشرق أوربا في طريقها إلى أوربا الموحدة.
تبلغ مساحة جمهورية ألمانيا الاتحادية ٣٥٧٠٢٢ كيلو متر مربع. ويبلغ أطول امتداد لها من الشمال إلى الجنوب ٨٧٦ كيلو متراً جواً، ومن الغرب إلى الشرق ٦٤٠ كيلو متراً. ويصل عدد سكانها إلى حوالي ٨٢ِ٦ مليون نسمة. وتتسم ألمانيا بالتنوع الثقافي، والخصائص الإقليمية المتميزة، والجمال الساحر لمدنها وأراضيها الطبيعية
الطبيعة
تمتاز الطبيعة في ألمانيا بالتنوع الشديد، فتتناغم السلاسل الجبلية المنخفضة والمرتفعة مع المسطحات العالية. والهضاب والمناطق الجبلية والبحيرات والسهول الواسعة. وتنقسم ألمانيا من الشمال إلى الجنوب إلى خمس مناطق طبيعية كبيرة هي:
السهول الألمانية الشمالية المنخفضة التي تتميز بالبحيرات والهضاب الكثيرة، وتتخللها المروج والمستنقعات والأراضي الخصبة حتى سلسلة الجبال الوسطى. وتضم الخلجان البرية المنخفضة، خليج الراين الأسفل، وخليج وستفاليا، وخليج سكسونيا-تورنغن. وتوجد العديد من الجزر المحيطة بساحل بحر الشمال، مثل جزر بوركوم، نوردناي، زولت، و هيلغولاند. أما الجزر الألمانية في بحر البلطيق فهي روغن، هيدنزيه، وفيمارن. وينقسم ساحل بحر البلطيق إلى شواطئ رملية، وصخرية منحدرة. وتتميز المنطقة الواقعة بين بحر الشمال وبحر البلطيق بهضابها المنخفضة، ويطلق عليها "سويسرا هولشتاين".
تفصل سلسلة الجبال الوسطى بين شمال ألمانيا وجنوبها. ويخدم وادي الراين الأوسط ومنخفضات هيسّن كخطوط طبيعية تهدي طرق المواصلات بين الشمال والجنوب. وتشمل سلسلة الجبال الوسطى جبال هونزروك، والأيفل، والتاونوس، وجبال غابة فسترفالد. وتقع سلسلة جبال الهارتس في قلب ألمانيا. أما الشرق فيتميز بغابة بافاريا، وجبال فيشتل، وسلسلة جبال الإرتس.
وعلى حافة السهول المنخفضة في منطقة الراين الأعلى توجد الغابة السوداء، شبيسارت، وجبال الألب السوابية. وينحصر نهر الراين، أهم محور ألماني للمواصلات المائية بين شمال ألمانيا وجنوبها، في واد ضيق تحيط به جبال الراين الإردوازية.
أما منطقة ما قبل الألب في جنوب ألمانيا فتضم الهضاب، والبحيرات الكبيرة جنوباً، علاوة على السهول الحصوية الواسعة، وهضاب بافاريا السفلى ومنخفض نهر الدانوب. وتتميز هذه المنطقة بالمستنقعات، وسلاسل الهضاب ذات القمم المستديرة، مع ما فيها من بحيرات (كيمزيه، شتارن برغر زيه) وقرى صغيرة.
أما الجزء الألماني من جبال الألب، بين بحيرة كونستانس (بودِن زيه) وبلدة بيرشتسغادن فلا يشمل سوى قسم ضيق من هذه السلسلة الجبلية، ويقتصر على جبال ألب ألغوير، والألب البافارية، وألب بيرشتسغادن. وفي أحضان عالم الألب الجبلي توجد بحيرات ساحرة كبحيرة كونيغزيه قرب بيرشتسغادن، وعدد من القرى السياحية المفضلة، مثل غارميش – بارتنكيرشين، و ميتّنفالد.
المناخ
تقع ألمانيا في مجال الرياح الغربية الباردة المعتدلة، بين المحيط الأطلسي في الغرب والمناخ القاري في الشرق. وتعد التقلبات الكبيرة في درجات الحرارة نادرة. وتهطل الأمطار في جميع فصول السنة. ويتراوح معدل درجات الحرارة في فصل الشتاء بين ١٫٥ درجة مئوية في المنخفضات، و٦ درجات مئوية تحت الصفر في الجبال. ويبلغ متوسط درجات الحرارة في فصل الصيف ١٨ درجة مئوية في المنخفضات و٢٠ درجة مئوية في الأودية المحمية جنوب البلاد. ويستثنى من ذلك وادي الراين الأعلى، الذي يتميز بمناخ شديد الاعتدال، ومنطقة بافاريا العليا التي تهب عليها من حين لآخر رياح الفون، وهي رياح جنوبية ألبية دافئة، ومنطقة الهارتس التي تشكل منطقة مناخية خاصة بها تتميز بالرياح القاسية، وصيف بارد، وشتاء كثير الثلوج
النــاس
يعيش في ألمانيا قرابة ٨٢٫٦ مليون نسمة، من بينهم حوالي ٧٫٣ مواطن من أصل غير ألماني، أي ما تصل نسبته إلى ٨٫٩ في المائة من إجمالي عدد السكان. وفي هذا تنوع تساهم فيه، علاوة على المهاجرين الذين يعيشون في ألمانيا، الأقليات الوطنية، والأقاليم والولايات بتقاليدها ولهجاتها المختلفة
السكان
يتميز التوزيع السكاني في ألمانيا، من الناحية الإقليمية باختلافه الشديد، حيث يعيش حوالي ثلث السكان، أي ٢٥ مليون نسمة تقريباً، في ٨٢ مدينة كبيرة، بينما يقطن ٥٠٫٥ مليون نسمة تقريباً القرى والمدن التي يتراوح عدد سكانها بين ٢٠٠٠ و ١٠٠٠٠٠ نسمة، ويعيش حوالي ٦٫٤ مليون شخص في قرى لا يتجاوز عدد سكانها ٢٠٠٠ نسمة. وتضم برلين، منطقة الجذب السكاني المتنامية منذ الوحدة الألمانية، عدداً من السكان يزيد حالياً عن ٤٫٣ مليون نسمة. أما في المنطقة الصناعية على ضفاف نهري الراين والرور، حيث تتداخل المدن مع بعضها دون حدود فاصلة واضحة، فيعيش أكثر من أحد عشر مليون شخص، أي بمعدل ١١٠٠ شخص في كل كيلو متر مربع. ويقابل هذه المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مناطق تقل فيها الكثافة السكانية بشدة، مثل أجزاء واسعة من أراضي مارك براندنبورغ، ومكلنبورغ – فوربومّرن.
تعد ألمانيا إجمالاً، وبمعدل ٢٣٠ نسمة في الكيلو متر المربع واحدة من أكثر دول أوربا كثافة سكانية، ولكن مع ملاحظة أن هناك فارق واضح بين الولايات الألمانية الغربية والولايات الألمانية الشرقية التي شكلت جمهورية ألمانيا الديمقراطية سابقاً. تبلغ الكثافة السكانية في الولايات الألمانية الشرقية (الجديدة) وبرلين الشرقية ١٤٠ نسمة لكل كيلو متر مربع، بينما تبلغ ٢٦٧ نسمة في الولايات الألمانية الغربية (القديمة).
سابقاً. تبلغ الكثافة السكانية في الولايات الألمانية الشرقية (الجديدة) وبرلين الشرقية ١٤٠ نسمة لكل كيلو متر مربع، بينما تبلغ ٢٦٧ نسمة في الولايات الألمانية الغربية (القديمة).
يعتبر معدل المواليد في ألمانيا، البالغ تسعة مواليد لكل ألف نسمة في العام، من أدنى معدلات المواليد في العالم. حيث يقل عدد المواليد ويولدون أيضاً في وقت متأخر، وغالباً ما تلد النساء الطفل الأول في بداية الثلاثينات من عمرهن، ولا يزيد معدل المواليد لكل امرأة عن ١٫٣ طفل في الوقت الحاضر. ورغم ذلك ظل عدد سكان ألمانيا مستقرا في السنوات الأخيرة. وقد عادل النقص في المواليد حوالي ٣ مليون مهاجر إلى ألمانيا. ويؤثر معدل المواليد المنخفض وارتفاع العمر المتوقع – الذي يصل لدى المواليد الذكور اليوم إلى ٧٤٫٤ سنة، ولدى الإناث ٨٠٫٦ سنة – على التركيب العمري للسكان. ومن المتوقع ارتفاع نسبة السكان فوق الـ ٦٠ سنة من نسبة ٢٣ في المائة اليوم إلى حوالي ٣٠ في المائة عام ٢٠٣٠. وتزيد العلاقة التناسبية بين السكان العاملينوالسكان المتقاعدين لصالح نسبة الأشخاص الذين يصلون سن التقاعد.
لا تزال الأسرة هي الشكل المفضل للحياة المشتركة. فالغالبية العظمى من السكان تعيش في أسرة، وكل ثاني شخص تقريباً يحيا في كنف أسرة تقليدية، تتكون من زوج وزوجة وأطفال، مع وجود ميل إلى تكوين الأسر الصغيرة، وتزايد أعدادها. ويقيم كل رابع شخص في المدن الكبيرة بمفرده، أما في الريف والمدن الصغيرة فتقل هذه النسبة إلى كل سابع شخص. ويعيش حوالي ٢٫٤ مليون شخص، معظمهم من النساء بمفردهن مع أطفالهن.
اللغة الألمانية
تنتمي اللغة الألمانية إلى مجموعة اللغات الهندوجرمانية الكبيرة، ثم إلى فروع اللغات الجرمانية في هذه المجموعة، ولها صلات قرابة مع اللغة الدنمركية، والنرويجية، والسويدية، وكذلك مع الهولندية والفلامية وأيضاً مع اللغة الإنجليزية. في أواخر العصور الوسطى كان هناك عدد كبير من اللغات الإقليمية المكتوبة. ومع الانتشار الواسع لترجمة الإنجيل التي قام بها مارتين لوثر، بدأت لغة فصحى موحدة، تستند في جوهرها إلى لغة الإدارات السكسونية (مايسنر)، تفرض نفسها تدريجياً.
توجد في ألمانيا لهجات كثيرة. وتكشف اللهجة وطريقة النطق غالباً عن المنطقة التي ينحدر منها المتكلم. فإذا تحدث على سبيل المثال شخص من منطقة مكلنبورغ مع شخص من منطقة بافاريا، كل بلهجته المحلية، لوجدا صعوبة كبيرة في التفاهم. وعاشت في الماضي على المنطقة المعروفة الآن بألمانيا، قبائل مختلفة، مثل الفرانكيون، والسكسونيون، والسوابيون، والبافاريون. أما اليوم فلم تعد هذه القبائل القديمة موجودة بشكلها الأصلي، لكن تقاليدها ولهجاتها مازالت حية لدى مجموعات إقليمية.
توجد اللغة الألمانية كلغة أم خارج ألمانيا في النمسا، وإمارة ليشتنشتاين، والجزء الأكبر من سويسرا، وفي تيرول الجنوبية (شمال إيطاليا) وفي شليزيا الشمالية (الدنمرك) وفي مناطق صغيرة في بلجيكا ولكسمبورغ على طول الحدود مع ألمانيا. كذلك حافظت الأقليات الألمانية في بولندا، ورومانيا، وبلدان الاتحاد السوفيتي السابق، على اللغة الألمانية جزئياً. واللغة الألمانية هي اللغة الأم لأكثر من ١٠٠ مليون إنسان، وكل عاشر كتاب تقريباً ينشر سنوياً في العالم يصدر باللغة الألمانية.
الأقليات الوطنية
يوجد في ألمانيا أربع أقليات وطنية وهم: الأقلية الدنماركية، وجماعة الفريزيين الألمانية، وجماعات السينتي والروما الألمانية (الغجر)، والشعب الصوربي. وينطبق على هذه الجماعات الأربعة "اتفاقية المجلس الأوروبي الإطارية لحماية الأقليات الوطنية" والتي قامت ألمانيا بالتصديق عليها في عام ١٩٩٧. وتحظى لغات هذه الأقليات –اللغة الدنماركية، اللغة الفريزية الشمالية واللغة الساترفريزية، ولغة الروما واللغة الصوربية- بالدعم وذلك طبقا للميثاق الأوروبي للغات الإقليمية ولغات الأقليات والذي صدقت عليه ألمانيا في عام ١٩٩٨.
ويقيم الدانماركيون ممن يحملون الجنسية الألمانية والذي يقرب عددهم من خمسين ألفا في منطقة شليزفيغ في ولاية شليزفيغ هولشتاين ويشكلون هناك إحدى الأقليات منذ الحرب التي خسرتها الدانمارك في عام ١٨٦٤.
أما الفريزيون فهم كشعب مقيم في المنطقة الساحلية على بحر الشمال معروفون منذ بداية التاريخ الميلادي تقريبا (في بادئ الأمر في غرب فريزيا في هولندا وفي شرق فريزيا في ألمانيا). وقد هاجر الفريزيون إلى شمال فريزيا في القرن السابع الميلادي وإلى ساترلاند في الفترة بين ١١٠٠ و١٤٠٠ ميلادية.
وقد ورد ذكر قبائل السينتي والروما بشكل واضح في الوثائق التاريخية في ألمانيا منذ القرن الرابع عشر الميلادي. ويقطن أبناء أقلية السينتي والروما ممن يحملون الجنسية الألمانية والذين يقدر عددهم بنحو سبعين ألفا في تجمعات في المدن الكبرى بالتحديد وكذلك في المدن الصغيرة في جميع أنحاء ألمانيا.
أما الصوربيون فقد هاجروا بدءا من عام ستمائة بعد الميلاد تقريبا إلى الإقليم الذي هجره الجرمان هجرة شاملة والذي يقع إلى الشرق من نهري إلبه و زاله. يقيم اليوم في منطقة لاوزيتس السفلى (ولاية براندنبورج) ما يقرب من العشرين ألفا من أهل صوربيا السفلى وفي منطقة لاوزيتس العليا (ولاية ساكسونيا) ما يقرب من أربعين ألفا من أهل صوربيا العليا.
لكل من الأقليات الوطنية الأربعة حياة ثقافية ثرية في مؤسساتها، والتي تحظى بالدعم المادي لها من قبل الحكومة الاتحادية والولايات.
الأجانب في ألمانيا
يقيم اليوم في جمهورية ألمانيا الاتحادية ما يقرب من ٧,٣ مليون أجنبي وهو ما يعادل ٨,٩ بالمائة من إجمالي السكان. فمنذ منتصف الخمسينيات حتى نهاية عام ١٩٧٣ وفد كثير من العاملين إلى ألمانيا، حيث كان النمو الاقتصادي المتزايد في حاجة إلى المزيد من القوى العاملة التي كان يسعى المرء إليها في الدول المجاورة في حوض البحر المتوسط، كان ذلك في بادئ الأمر في إيطاليا ، ثم تلتها أسبانيا والبرتغال ويوغوسلافيا السابقة وتركيا، بل أيضا تونس والمغرب. وقد بقي كثير من هؤلاء العمال في ألمانيا واستقدموا ذويهم فيما بعد. وفي نهاية عام ٢٠٠٣ كان ما يقرب من ثلث الأجانب يقيم أكثر من عشرين عاما في ألمانيا، بينما يقيم ما يقرب من ثلثيهم أكثر من ثمانية أعوام. كما ولد بألمانيا أكثر من ثلثي الأطفال الأجانب المقيمين بها. ومنذ عام ٢٠٠٠ فإن الأطفال الذين ولدوا في ألمانيا لأبوين أجنبيين يحصلون على الجنسية الألمانية وفقا للوائح محددة (انظر "الحصول على الجنسية الألمانية"، صفحة ). وقد اندمج معظم الأجانب المقيمون هنا في المجتمع، ووصل كثير منهم إلى مناصب قيادية أو استقلوا بعمل خاص. وترتفع عدد الزيجات بين الأجانب والألمان باستمرار حيث أصبحت أمرا بديهيا. والجدير بالذكر أن ما يقرب من ٣،٢ مليون أجنبي قد حصلوا على الجنسية الألمانية منذ عام ١٩٧٠.
الهجرة واللجوء السياسي
اختلفت تركيبة السكان في ألمانيا اختلافا كبيرا في العقود السابقة. فإلى جانب العمال الذين تم استقدامهم من الخارج ومن تبعهم من ذويهم فقد قدم إلى ألمانيا في أعقاب الحرب العالمية الثانية ما يقرب من ٢,٥ مليون شخص من حاملي الجنسية الألمانية وممن لهم أصول ألمانية هم وأسرهم، والتي ازدادت أعدادهم من مناطق الاتحاد السوفيتي السابق بعد تفكك الكتلة الشرقية. ومنذ منتصف عام ١٩٩٠ وفد أكثر من مائة وتسعين ألف مهاجر يهودي من الدول خليفة الاتحاد السوفيتي. وبالإضافة إلى ذلك فإنه قد قدم إلى ألمانيا ومازال يأتي إليها مطاردون سياسيا من جميع أنحاء العالم وكذلك اللاجئون الهاربون من الحروب الأهلية في مناطق النزاعات (على سبيل المثال من البوسنة والهرسك) –وذلك لطلب الحماية لفترة مؤقتة- و قد رحلوا جميعا تقريبا عن ألمانيا فيما بعد. وسوف تؤدي عولمة الاقتصاد والسهولة المتزايدة بوجه عام في الانتقالات إلى حدوث المزيد من حركات الهجرة.
ويمكن أن تقدم سياسة حديثة للهجرة الحل لهذه التحديات التي تواجه المجتمع: فبدءا من الأول من يناير/ كانون ثان ٢٠٠٥ تقوم ألمانيا بتنظيم قضية الهجرة إليها وإقامة الأجانب بها لأول مرة في قانون واحد. والنقاط الأساسية هي فتح سوق العمل أمام العمالة عالية التأهيل وكذلك سياسة تطمح إلى دمج الأجانب في المجتمع. وبذلك تفتح ألمانيا أبوابها أكثر من ذي قبل للهجرة إليها. كما يصبح الآن في مقدور الطلبة الأجانب الذين أتموا دراستهم الجامعية بنجاح أن يظلوا في ألمانيا لمدة تصل إلى العام الكامل للبحث عن عمل مناسب. وعقب ذلك يمكنهم أن يقوموا بمد فترة تصريح الإقامة الخاص بهم أي التقدم بطلب الحصول على تصريح بالإقامة المفتوحة. أما ذوو التأهيل الفائق فيمكنهم أن يحصلوا مباشرة على تصريح إقامة دائمة. وكذلك أصحاب الشركات من الأجانب الذين يرغبون في خلق فرص عمل في ألمانيا والذين لديهم رأس مال خاص لا بأس به، فإنه سيتم تسهيل إجراءات حصولهم على الإقامة. وبذلك فإن قانون الهجرة الجديد يخدم تحسين قدرة الاقتصاد الألماني التنافسية كما يمنح البحث العلمي نبضات جديدة من خلال تحقيق درجة أعلى من الوحدة الدولية. وبالإضافة إلى ذلك فإن القانون الجديد يسهل الحصول
على حق الإقامة بوجه عام، ويدعم دمج الأجانب من خارج الاتحاد الأوروبي في المجتمع من خلال دورات إجبارية لتعلم اللغة كما يعمل على تقصير وقت إجراءات اللجوء. كما يسهل هذا القانون أيضا –بالنظر إلى قضية مكافحة الإرهاب- طرد الأجانب الذين يتم تقييمهم كأشخاص ذوي خطورة.
يكفل الدستور (القانون الأساسي) لجمهورية ألمانيا الاتحادية الذي يعود إلى عام ١٩٤٩ الحماية لهؤلاء الذين يلاحقون سياسيا في أوطانهم. وبالرجوع إلى هذا الحق الأساسي فقد حاول في الفترة بين عامي ١٩٨٨ و١٩٩٣ ما يزيد على ١،٤ مليون شخص، معظمهم إلى حد كبير من دول الكتلة الشرقية المنهارة، الحصول على حق الإقامة في ألمانيا، إلا أن عددا قليلا منهم هو الذي كان قد تعرض بالفعل للملاحقة السياسية في أوطانهم؛ ولذلك فقد تم في الفترة الزمنية ذاتها منح حق اللجوء لما يقرب من ٥٧٠٠٠ فقط من مقدمي طلبات اللجوء. وللحيلولة دون هذا الاستغلال الواسع لحق اللجوء، فإن الأمر كان يستلزم تعديلات جديدة دون المساس بجوهر قانون اللجوء. فمنذ عام ١٩٩٣ لم يعد باستطاعة الأجانب الذين يأتون إلى ألمانيا عن طريق دولة ثالثة آمنة أو الذين يفدون من أوطان آمنة أن يستيفدوا من هذا الحق الأساسي في قانون اللجوء. ومنذ ذلك التاريخ وعدد مقدمي طلبات اللجوء في تناقص مستمر حتى وصل عددهم في عام ٢٠٠٣ إلى ما يقرب من ٥٠٥٠٠ شخص، وهو أقل عدد لمقدمي طلبات اللجوء منذ عام ١٩٨٤.
وبمقتضى قانون الهجرة الجديد الذي يدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير/ كانون ثان من عام ٢٠٠٥ فإن طالبي اللجوء الذين يتعرضون للتهديد بسبب جنسهم ( على سبيل المثال عن طريق الختان) أو الذين تطاردهم جماعات غير حكومية، سوف يمنحون حق اللجوء.
يبقى باب القضاء مفتوحا أمام طالبي اللجوء في ألمانيا حتى المحكمة الدستورية الاتحادية
الجنسية
سرت اعتباراً من يناير/كانون الثاني ٢٠٠٠ أحكام هامة لقانون جديد تم بموجبه تعديل قانون الجنسية القائم: يكتسب الأولاد المولودون في ألمانيا لأبوين أجنبيين الجنسية الألمانية بحكم المولد، شريطة أن يكون أحد الأبوين مقيماً في ألمانيا منذ ثمان سنوات بصورة مشروعة ولديه حق الإقامة، أو إذن إقامة غير محددة المدة منذ ثلاث سنوات. فإذا حصل الأولاد بحكم منشئهم الأصلي على جنسية أخرى إضافة ذلك، فإن عليهم عند بلوغ سن الرشد الاختيار بين الجنسيتين، إما الألمانية أو الجنسية الأجنبية.
يمنح القانون الأطفال الذين لم يبلغوا سن العاشرة بعد في ١ يناير/كانون الثاني ٢٠٠٠ حقاً خاصاً محدد المدة للحصول على الجنسية الألمانية وفق نفس الشروط. علاوة على ذلك أصبح من حق المواطنات والمواطنين الأجانب التقدم بطلب للحصول على الجنسية الألمانية بعد ثمان سنوات بدلاً من ١٥ سنة سابقاً. ويشترط لهذا إلمام مقدم الطلب باللغة الألمانية بقدر كاف، وأن يعلن ولاءه لدستور جمهورية ألمانيا الاتحادية. أما تجنس المتطرفين السياسيين من الأجانب فقد منعته "مادة حماية" جديدة في تعديل قانون الجنسية. وينبغي، من حيث المبدأ، أن يتخلى الأجنبي عن جنسيته المعمول بها حتى تاريخه عند اكتسابه الجنسية الألمانية، وهناك بعض الاستثناءات التي ينظمها القانون. عندما يكتسب شخص جنسية أجنبية بناء على طلبه، يفقد الجنسية الألمانية تلقائياً حتى لو بقي مقيماً في ألمانيا. وفي الوقت نفسه ازدادت إمكانية الحصول على تصريح للاحتفاظ بالجنسية الألمانية. ويكتسب العائدون (الأجانب من أصل ألماني) الجنسية الألمانية تلقائياً فور صدور الشهادة الخاصة بذلك.
وتتولى مفوضة الحكومة الاتحادية لشئون الأجانب مهام قضايا الأجانب ومصالحهم. وهي
تهتم بالخطط السياسية الخاصة بالأجانب والمسائل التفصيلية المنفردة، وتجري مباحثات مع سياسيين ألمان وأجانب، ومع ممثلي المؤسسات الاجتماعية وفئات أخرى من المجتمع، وهي الطرف الذي تتعامل معه المنظمات المهتمة بشؤون الأجانب، وتبقى على اتصال مستمر مع سفارات البلدان المعنية التي قدم منها العمال الأجانب، وتجري هناك محادثات مع المسؤولين الحكوميين.
الولايات الألمانية
تتكون ألمانيا من ١٦ ولاية اتحادية، تتحمل كل منها مسئولية حكومية خاصة بها، ولبعض الولايات تاريخ طويل عريق. كانت ألمانيا عبر تاريخها مقسمة دائماً إلى ولايات. وكثيراُ ما تغيرت ملامح خريطة البلاد على مر العصور. أما الولايات بشكلها الحالي فقد نشأت بعد عام ١٩٤٥ وعند تحديد الولايات، روعيت إلى حد ما الانتماءات السكانية والحدود التاريخية.
تألفت جمهورية ألمانيا الاتحادية، حتى توحيد ألمانيا عام ١٩٩٠، من عشر ولايات في البداية، ثم من إحدى عشرة ولاية بعد إعادة ضم سارلاند في ١ يناير/كانون الثاني ١٩٥٧. وقد تأسست هذه الولايات في المناطق التي كانت خاضعة لاحتلال القوى الغربية (الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا العظمى، وفرنسا). وبعد نهاية الحرب، تأسست في منطقة الاحتلال السوفيتي أيضاً، والتي أقيمت عليها لاحقاً جمهورية ألمانيا الديمقراطية، خمس ولايات تم تحويلها عام ١٩٥٢ إلى ١٤ منطقة إدارية. وعلى إثر الانتخابات الحرة الأولى، التي جرت في ١٨ مارس/آذار ١٩٩٠، تقرر تشكيل خمس ولايات جديدة على أراضي ألمانيا الديمقراطية سابقاً. وحصلت هذه الولايات أساساً على الشكل الذي كانت عليه قبل ١٩٥٢. في ٣ أكتوبر/تشرين الأول ١٩٩٠ انضمت جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وبالتالي ولايات براندنبورغ،
ومكلنبورغ – فوربومّرن، وسكسونيا، وسكسونيا- أنهالت، وتورينغن إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية، كما تم في نفس الوقت توحيد برلين الشرقية وبرلين الغربية.