فكرة الاسلام
إنه مخطط ماكر وخبيث ذلك المخطط الذي تقوده وتحركه أيادي الصليبية الحاقدة البغيضة, ذلك المخطط الذي يحاك وينفذ منذ أمد ضد الأقلية المسلمة التي تقطن تراقيا الغربية وتقع تحت سيطرة وفي قبضة الحكم اليوناني الصليبي لتذوق على يديه شتى أصناف التنكيل والامتهان.
وقد أكدت تقارير حقوقية أوروبية أن السلطات اليونانية تشن حملات شديدةً على المساجد والمراكز الإسلامية في معظم أنحاء البلاد، وخصوصًا في تراقيا الغربية، وتم تحويل بعض المساجد والمراكز الإسلامية إلى إسطبلات خيل، ومتاحف، ودور سينما، فضلًا عن حرمان المسلمين من الحصول على وظائف محترمة أو الارتقاء في وظائف الدولة العليا، فالمسلمون محرومون من كل شيء, الوظائف الراقية، ودعم إنشاء مشاريع تنموية واستثمارية في مناطقهم يذكر أن الأوضاع الاقتصادية لمسلمي اليونان صعبة جدًا ومعقدة، فمعظمهم يعيش في غابات وبين أشجار كثيفة، ويقتصر نشاطهم الاقتصادي على الزراعة، وخصوصًا البساتين.
وحول هجمات التنصير التي يتعرض لها مسلمو اليونان وخاصة في تراقيا الغربية,فإن الكنيسة الأرثوذكسية مستمرة على قدم وساق وتقوم بجهود كبيرة خصوصًا مع تكثيف محاولات تهجير المسلمين من شمال اليونان إلى المدن الرئيسية، مثل: أثينا وسالونيك، وهو ما كان له أثر سلبي على بعض المسلمين، خصوصًا من قبائل الغجر التي أقبل الكثير من أبنائها إلى اعتناق النصرانية.
وإمعانًا في تذويب هوية مسلمي تراقيا الغربية قامت الحكومة بسلسلة من الخطوات منها: عدم احترام الهوية الثقافية لهم، وعدم تنفيذ بنود معاهدة لوزان التي اشترطت التزام الحكومة بتدريس العلوم الشرعية باللغة الأم،وعلى الرغم من التزام الحكومة بهذا الأمر لسنوات إلاّ أنها تراجعت،وفرضت قيودًا على المدارس الدينية بالامتناع عن توظيف خريجيها،وهو ما حدا بأولياء أمور الطلاب المسلمين إلى إرسالهم إلى المدارس اليونانية العامة،بدءًا من رياض الأطفال وصولًا إلى المدارس الثانوية، حيث يختلط أبناء المسلمين بأبناء الأغلبية النصرانية، علاوة على أن المعلمين والمربين من النصارى يحاولون تذويب هويتهم وإيجاد فاصل بينهم وبين الإسلام وتعاليمه وإكسابهم العادات والتقاليد النصرانية، وما يزيد الأمر سوءًا عدم اهتمام أسر هؤلاء الطلاب بإكسابهم قدرًا من الثقافة الإسلامية التي تجعلهم قادرين على التمييز بين الغث والسمين.
وللأمانة فإن الأسر المحافظة تهتم بإرسال أولادها إلى المدارس الدينية سعيًا للحفاظ عليهم وربطهم بالدين الإسلامي. وتعطي هذه المعاهد لخريجيها شهادات بالعمل كأئمة في المساجد،أو القدرة على استكمال دراساتهم في الجامعات الإسلامية أو اليونانية وفي كافة التخصصات،غير أن وضع هذه المعاهد صعب للغاية، كما أن الإقبال على هذه المعاهد ليس كبيرًا بسبب الدعاية السوداء التي تمارسها السلطات ضدها، ووجود يقين لدى طلابها بأن تخرّجهم من هذه المدارس أو حتى الالتحاق بإحدى الجامعات الإسلامية لن يجدي شيئًا؛ لأنه ليس ثمّ وظيفة تؤمّن حياة مقبولة للخريجين.
كما أنه هناك صعوبات في تعليم الشباب فهناك أيضًا مشكلة كبرى في تعليم النشء الصغار, حيث لا يوجد مؤسسات رياض أطفال خاصة بأطفال المسلمين، وهذا يضطر الأسرة المسلمة إلى رياض أطفال حكومية، مما يكون له أثر سلبي على أطفال المسلمين.أما فيما يخص المدارس الابتدائية فللأقلية المسلمة مدارسُها الخاصة التي تستعمِل فيها اللغة التركية، ويدرس الطلاب كتبًا تصل إليهم من أنقرة،غير أن هذا الأمر يرتبط بمدى تحسن العلاقات بين تركيا واليونان، فإذا كانت العلاقات جيدة أُرسلت هذه الكتب إلى تراقيا، أما إذا كان العكس فإن السلطات تمنع كتب المواد الشرعية، بل تتدخل في عمل هذه المدارس بفرض ضغط ساعات دروس علوم الدين الإسلامي وإخضاع هذه المدارس إلى رقابة السلطات اليونانية.
وهناك أيضًا صعوبات تواجه المؤسسات الإسلامية ومنها: نقص الإمكانيات الذي يجعلها غير قادرة على القيام بدورها، فضلًا عن أن هناك محاولات مستمرة لإثارة الشكوك في مصداقية القيادات الدينية أمام المواطنين المسلمين حتى لا يُقبلوا على الاستفادة من علمهم.غير أن هذه الخطط تواجَه بشراسة من قبل هذه المؤسسات، وفي مقدمتها المشيخة الإسلامية،ودار الإفتاء التي تبذل قصارى جهدها للمحافظة على الهوية الإسلامية عبر تحذير المواطنين من هذه المخططات المشبوهة.
جدير بالذكر أن هناك أزمة شديدة في إعداد الدعاة، خصوصًا الشباب منهم، لدرجة أن الجامعات الدينية لبعض الدول الإسلامية تقدم منح سنوية لطلاب تراقيا الغربية، فلا تجد الجهات المختصة طلابًا للحصول على هذه البعثات. ويزيد الطين بلة أن أبناء علماء المسلمين الذين أكملوا تعليمهم الديني في جامعات إسلامية لا يسعون لتكرار سيناريو آبائهم، في ظل التهميش الشديد الذي يعاني منه المتخصصون في المواد الشرعية، وتحاول المؤسسات الإسلامية حلّ هذه الأزمة عبر عديد من الوسائل، غير أن هذا الأمر يحتاج إلى وقت طويل.
في 18مارس 2010م قدم اتحاد أتراك تراقيا الغربية تقريرًا حول المعاداة والاعتداءات التي تتعرض لها الأقلية المسلمة في "تراقيا الغربية" وممتلكاتها ومساجدها،وذلك ردًا على تقرير اتهامات الكراهية لمكتب حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي في عام 2009م.
وقد صرَّح المجلسُ الأوروبيُّ عن قلقه-وهذا كلام فيه نظر- لسياسة اليونان ضدَّ الأقلية التركيَّة المسلِمة التي تعيش في تراقيا الغربية، ففي تقرير اليونان الذي أدْلَتْ به لجنة مكافحة العنصرية،وعدم التسامُح التابعة للمجلس الأوروبي في15سبتمبر لهذا العام، حثَّتِ اللجنة أثينا على ضرورة إعطاء أتراك تراقيا الغربية حقوقَهم الثقافيَّة.
وطالَبَ التقرير بإزالة جميع العراقيل التي تقف أمامَ حرية تكوينِ الأتراك المسلمين لمنظَّمات،كما طالَب المسئولين اليونانيِّين بالدخول في حوار بنَّاء مع أعضاء الأقلية التركية حولَ الانتخابات الخاصَّة باختيار مفتي وإمامِ الأقلية التركية في تراقيا الغربية،وطالَبَ كذلك بإبداء الاحترام لحقوق الأقلية المتعلِّقة بالجمعيات التعاونية والأوقاف- وطبعًا الله أعلم بالنوايا -!
وذَكرتِ اللجنة بأنَّه لا يزال ممنوعًا استخدامُ كلمة "تركي" في اسم أي جمعية، وسجَّلت تعقبها لهذا الوضْع بقلق، وطالب التقريرُ بالقضاء على كلِّ العراقيل القانونية المتعلِّقة بذلك في أقصر وقت، مذكِّرًا بقرارات محكمة حقوق الإنسان الأوروبيَّة، كما طالب بمحو كلِّ التعبيرات السلبيَّة المتعلِّقة بالأديان الأخرى من الكتب المدرسيَّة- "ذلك قولهم بأفواههم وما تخفي صدورهم أكبر"كما قال رب العزة جل شأنه-،وكذلك بإزالة كلِّ المشكلات الإداريَّة التي تواجه إنشاءَ المساجد في العاصمة، وعلاوةً على ذلك أشار التقريرُ إلى ضرورة البَدْء في تحقيقات أكثرَ فاعلية فيما يتعلَّق بالاعتداءات والتفرِقة العنصرية.
ولكن هذه اللجنة وفي نفس السياق أضافت أنَّه في ظلِّ المواد الدستوريَّة الموجودة حاليًّا لا يمكن توفيرُ إمكانية العقوبات بشكل فعَّال لِمَن يقوم بتفريق عنصري عرقي.
هذا وتتميز الحالة الاقتصادية للمسلمين الذين يعيشون في اليونان بالفقر والضعف إذا قورنت بالحالة الممتازة لليونانيين غير المسلمين الذين يعيشون في تركيا, ففي تراقيا الغربية تفتقر بعض المناطق خاصة المناطق المحاذية لبلغاريا وهي قرى جبلية من المناطق العسكرية التي يحظر فيها التجول إلى الدعاة، فهذه المناطق التي لا يسمح لدعاة غير اليونانيين بالتجول فيها ولضعف سكانها اقتصاديًا أصبحت في معزل عن العالم وخاصة العالم الإسلامي، حيث توشك أن تنقطع صلتهم بالإسلام.
إخوتي أخواتي عرضت عليكم جزء من الواقع الأليم -المشين لنا نحن المسلمون-الذي تعيشه الأقلية المسلمة في تراقيا الغربية ويعتبر هذا فيض من غيض من المعاناة والظلم الذي يتجرعه هؤلاء الأحبة على أيدي الثلة الصليبية الحاقدة على كل ما يمت للإسلام بصلة, يريدون بذلك أن يطفئوا نور الله في تلك البقعة التي أنارت بنور الإسلام ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
إلى اللقاء في موضوع آخر إن شاء الله.