لاحظتُ وبكثرة عدم رغبة جميع أهلي وأحبتي من الأخوة السوريين والأخوات أنهم لا يرغبون في السكن في الكامبات ومخيمات أيواء واسكان اللاجين أو كما تسمى هنا في هولندة وأوربا كامبات طالبي اللجوء, أحب أن أوضح الصورة للجميع.
في البداية أنا شخصياً أفهم معاناتكم أهلنا وأخواتي وأخوتي حيث أنني وجميع العالم يعرف ومن خلال الصور والمعاناة التي نراها في أجهزة الأعلام عن المخيمات التي مررتم وعشتم فيها في تركيا ولبنان والأردن والتي في حقيقتها لا تختلف في شئ عن مخيمات أهلنا الفلسطينيين في الدول العربية المجاورة لفلسطين السليبة في سنة 1948 , حالياً في تركيا ولبنان والأردن المخيمات لاتزيد عن كونها خيام عسكرية لا تحمي ساكنها من البرد والحر ولا حتى المطر أو حتى بعضها لا تحمي من الرياح
وكأن الجالس داخلها وكأنه يجلس في العراء أو الخلاء أي الأرض الخالية من كل شئ، وغير متوفر فيها ولا حتى بالمستوى الأدنى لمعنى الأنسانية، أي متطلب من متطلبات الحياة من ماء وطعام وملابس تقيكم من البرد التي هي متطلبات رئيسية لحياة الأنسان وأستمراره على قيد الحياة داعيكم عن الكهرباء والتدفئة والوقود ووسائل النقل أو مراكز لأستمرار الأطفال في الدراسة والتعليم, ولا حتى وسائل التمكن من الوصول والتواصل مع الخارج من طرق ممهدة على الأقل وليس معبدة أو مرصوفة , وحتى أن معدوم فيها مراكز لترفيه الأطفال أو حتى مراكز أعلامية لمعرفة الحقائق والأخبار عن الأهل، والله العظيم أنا أعرف ومطلع على معاناتكم وحتى تصلني أخبار عن مخيمات العراق من خلال بعض الأخوة السوريين.
ولكن الأمر مختلف هنا في أوربا بالذات وبدرجة أستطيع القول أنها تقريباً عكس ذلك ب 180 درجة..
أولاً المركز أو المراكز التي تسمى هنا في هولندة مراكز أيواء طالبي اللجوء هي بنايات من الطابوق أو لنقل مبنية من نفس أنواع مواد البناء العادية المستخدمة في بناء البيوت الأوربية (حتى لا أدخل في تفاصيل جميع مواد البناء في أوربا والشبابيك والنوافذ الزجاج المستخدم فيها من النوع الذي نسميه في العراق دبل أي عبارة عن لوحين من الزجاج بينهما فراغ هوائي لتكون أكثر عزلاً للحرارة, وفي كل وحدة سكنية بل وفي كل غرفة توجد وحدة تدفئة متصلة بمنظومة تدفئة مركزية خاصة بكل وحدة سكنية وحتى بسيطرة ذاتية على مستوى الغرفة الواحدة تستطيع التحكم بها, مع شبكة مياه شرب على أعلى مستوى من التصفية والتعقيم والرعاية الصحية لمستخدمي هذا الماء , مع افضل شبكة للصرف الصحي وتقديم خدمات كما نسميها في الشام الحمامات فلكل غرفة ( خصوصاً البنايات المخصصة لسكن العزاب) تواليتها الخاص وفقط الحمامات قد تكون مشتركة..
أما وحدات سكن العوائل ( على فكرة وحدات سكن العزاب أيضاً بعضها متخصصة فتكون بناية لسكن العازبات من أخواتنا وأخرى لسكن الشباب والعزاب ولكن من المهم القول أنه من الممنوع والجداً ممنوع السكن المختلط في غرفة واحدة قد تكون البناية مختلطة ولكن هنالك طابق للنساء وطابق للرجال ولا يكون الطابق الواحد فيه مختلط إلا ماندر وفي الحالات المتأزمة) نعود الى سكن العوائل, سكن العوائل يكون في بناية منفصلة وحتى قد تكون بعيدة بمسافة معينة لا تقل عن 150 متر عن بنايات سكن العزاب ومنها نوعين : - النوع الأول عبارة عن بناية عدة طوابق في كل طابق غرف واسعة تتسع غلى الأقل كل غرفة لثلاثة أشخاص وفيها حمام مع تواليت , والعائلة المكونة من أكثر من ثلاثة أشخاص يسكنوهم في غرف أكثر من واحدة ولكن متجاورات أو متقابلات ولا يسكنوهم في غرف متباعدة , وتكون بعضها خاصة الركنية في نهاية الممر أو الطابق مكونة من غرفة تتسع لشخصين أو ثلاثة مع صالة وحمام وتواليت وتتسع هذه الوحدة السكنية لعائلة مثلاً من 5-6 أشخاص لا يسكنون بها أكثر من 6 في كل الأحوال، ولكن المطابخ تكون مشتركة وفيها نظام خاص للأستخدام فمثلاً الطابق الواحد فيه 12 غرفة تكون في المطبخ المشترك لهذا الطابق على الاقل ستة طباخات كبيرة وستة أحواض لغسل الصحون ويخصص كل طباخ وحوض غسل مرقمة ومخصصة لغرفتين معينة لتستخدمه وهن (سكان الغرفتين ) مسؤولين كذلك بتنظيفها حين أستخدامها, وكذلك مكائن غسيل الملابس ومكائن تجفيف الملابس أيضاً مشتركة وبنفس النظام الذي ذكرته للمطابخ..
أما وحدات سكن العوائل التي تكون مصممة على شكل شقة فتكون مكونة من غرفة (ولكن مساحتها أكبر من الغرفة في الوحدات الركنية في بناية الغرف) أو غرفتين وصالة وحمام مع تواليت ومطبخ خاص فيه طباخ وحوض غسل صحون ودواليب صغيرة للصحون والقدور, بها وغرفة أو مخزن صغير لغسالة الملابس والمجففة والسخان ويمكن وضع بعض الأشياء الصغيرة فيه , وحتى قد يكون فيها بالكون، وهنالك وحدات سكن عوائل مبنية من الخشب الخاص بالبنايات وبليت دبل( لوحين من البليت وبينهما مادة الفوم العازلة بسمك 3 سنتمتر خاصة في بناء المنازل ) ونسميها في العراق بنايات البنكلات أو لنسمها الجملونات ولكنها لا تختلف في مواصفاتها عن بنايات الطابوق والحجر, تكون كل وحدة سكنية مكونة من أربعة غرف نوم كل غرفة لشخصين مع صالة وحمام فيه تواليت وكذلك تواليت منفصل, مطبخ مفتوح على الصالة وغرفة أو ديلاب كبير خاص للغسالة والمجففة ، ولكن يمكن أسكان أكثر من عائلة في الشقة الواحدة المكونة من أربعة غرف، فمثلاً عائلة من خمسة أشخاص لهم ثلاث غرف وعائلة من شخصين لهم غرفة واحدة.
جميع هذه الغرف الخاصة للعزاب والخاصة للعوائل والوحدات السكنية للعوائل جميعها مجهزة بالأنارة ومنظومة تدفئة خاصة بها وجهاز تلفزيون وثلاجة، وكذلك كل طالب لجوء من أول يوم يجهز بفراش للنوم مع مخدة أو كما تسمى وسادة نوم مع شراشفهم، وفي فترة التقديم على اللجوء الأولى قبل التنسيب الى كامب لا يصرف معونة أسبوعية ولكن يجهز يومياً بثلاث وجبات طعام ومعجون أسنان وللرجال معجون حلاقة وأدوات حلاقة مع فرشاة أسنان وصابون لغسل اليدين وأكياس صغيرة من شامبو الحمام (دوش) وورق التواليت كلينكس رولات , وكذلك مسحوق غسيل الملابس وغيرها من الأحتياجات الشخصية، المشكلة الوحيدة هي في كوننا القادمين من الدول العربية متعودين على التنظيف بعد قضاء الحاجة بالماء وهذه الثقافة والتقنية غير متوفرة في أوربا فهم يستخدمون ورق التواليت على الناشف أجلكم الله .. ولهذا ستحتاجون الى أستخدام طريقتين أما تهيئة ورق مبلل قبل الدخول أو أستخدام قنينة بلاستيكية تملئها بالماء قبل الدخول للتواليت، هذه هي المشكلة الوحيدة الصعبة التي ستواجهونها أجلكم الله .
أما لو نسبوكم لكامب مفتوح لسكن اللاجئين، فستحصلون على مبلغ 54 يورو أسبوعياً للشخص وتشترون كل هذه الأحتياجات مع الطعام والملابس، وعلى فكرة من حق كل لاجئ يبقة في الكامب أكثر من 6 اشهر أن يصرف له مبلغ أعتقد يتراوح بين 30-50 يورو تسمى منحة الكسوة الموسمية أي لشراء الملابس الشتوية في بداية الشتاء والصيفية في بداية الصيف، ولكني أعتقد من حقكم المطالبة بها في بداية السكن بأدعاء أنكم هربتم بما عليكم من ملابس ولم تحضروا ما يكفي للجو والمناخ البارد الهولندي ..أعتقد ممكن ذلك.
أذن أهلي وأخوتي وأخواتي كامبات ومخيمات اللاجئين في أوربا وبالذات هولندة بحكم التجربة تختلف بشكل كلي وكما قلت بدرجة 180 درجة عن مخيمات العراق وتركيا ولبنان والأردن.
ولستم بحاجة للتفكير في السكن في غير الكامبات.
يوفقكم الله ويحفظكم من كل سوء.
** شكر خاص وتقدير لزميلنا ( محمود الغريب) على جهوده المباركة ووذكر تجربته الحيّة بهدف خدمة اللاجيء العراقي، داعين الله أن يجعلها بميزانه عمله..