«تطور الله» عنوان الكتاب الأكثر إثارة للجدل فى أمريكا الآن للكاتب الأمريكى «روبرت رايت» والصادر عن دار «ليتل آند براون» للنشر منذ ما يقرب من الشهر، وأفردت صحيفة «النيويورك تايمز» لهذا الكتاب مساحة كبيرة أشار فيها الكاتب الصحفى «باول بلوم» إلى أن «رايت» أحدث ضجة كبيرة فى الأوساط الثقافية بأمريكا لأنه تحدث فى كتابه عن تطور فكرة وجود الإله مبتدئا بالآلهة التى عبدتها القبائل البدائية مرورا بفكرة تأليه الحكام ثم انتقل إلى الشرك بالله فى العقائد اليهودية القديمة وحتى إيمانهم بالتوحيد فى المرحلة التالية ثم تحدث عن أنجيل «العهد الجديد» و«القرآن الكريم».
وفق «بلوم» فإن رايت: استخدم نبرة معتدلة وحذرة فى حديثه وربما تكون مترددة بعض الشىء، ولكن من الطريف أن تقرأ عن موضوع مثل أخلاقيات المسيح ومثاليته ومفهوم الجهاد فى الإسلام دون أن تشعر بالرغبة فى سب الكاتب أو الصراخ فى وجهه، ومع ذلك فان آراء «رايت» ومعتقداته استفزازية ومثيرة للجدل، ولكنه نجح فى جعل عمله مناسبا لأى شخص وربما لكل شخص على اختلاف دينه أو لونه أو جنسيته.
يؤكد «بلوم» على حالة الخلاف الذى دار بين المفكرين الأمريكيين فيقول: على النقيض تماما فإن الكثير من الكتاب المعاصرين ينظرون إلى «رايت» باعتباره ملحدا لأنه متعصب بشدة إزاء فكرة التوحيد ففى كتابه «تحت الصفر: منطق القدر الإنسانى» تحدث عن وجود اتجاه أخلاقى فى تاريخ الإنسانية فالتكنولوجيا تتطور والعالم يتمدد ليجعلنا أكثر ترابطا ومنفعة وإيجابية للآخر، وفى «تطور الله» يحكى لنا «رايت» قصة مشابهة من وجهة نظر دينية، فيعتقد أن النظم الثقافية والاجتماعية تنمو فتلحق «فكرة الله» بها فى النهاية فيعطى فسحة كبيرة للإنسانية تحت حمايته أو على الأقل يعطينا حفنة كبيرة من تسامحه بناء على اتجاه الإنسان نحو أخيه الإنسان.
فيما يرصد «بلوم» تأكيد«رايت»على أن الديانات الإبراهيمية الثلاث بنيت على مبادئ أخلاقية، لذلك وجدت نفسها تصلح لكل الأمم لأن مبادئها الأخلاقية لا تفرق بين الأجناس، منكرا وجود خصوصية لكل دين، ففى وجهة نظره هناك تغير إيجابى مستمر عبر تاريخ الأديان التى هى أخلاقية بطبعها، سواء ما قدمه موسى أو عيسى أو محمد، ويقول رايت: من السخيف أيضا أن نسأل هل الإسلام دين سلام أم لا؟ فالأديان أخلاقية بطبعها والإسلام أيضا لأنه واحد منها.