«اليورو في خطر، وإن لم نتدارك هذا الخطر فإن العواقب على أوروبا لا حصر لها، والعواقب التي تتخطى أوروبا لا حصر لها أيضا». هكذا حذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بل إنها أضافت: «إذا فشل اليورو فشلت أوروبا».
وبينما تتوالى التحذيرات بشأن تفاعلات أزمة اليونان وما تبعها من خطوات احترازية قامت بها دول الاتحاد الأوروبي، فإن العملة الأوروبية لا تزال هي من يتعرض لأكثر الضربات قسوة، ولم تنفع خطة الـ«تريليون دولار أميركي» التي أقرتها دول الاتحاد الأوروبي، في توقف الترنح الذي يتعرض له اليورو يوما بعد الآخر منذ اندلاع أزمة ديون اليونان تحديدا. موقف اليورو الأخير، وتوالي انخفاضه باستمرار، بدأ يبرز معه مستقبل العملة الأوروبية وما إذا كان التفكك مصيرها، بعد أن صرحت أكثر من دولة أوروبية بأن توحيد العملة بين دول الاتحاد الأوروبي كان أحد أسباب عدم قدرة الدول المتضررة، مثل اليونان أو البرتغال أو إسبانيا، على التعاطي مع أزماتها المالية بمرونة أكثر مما يتيحه لها اليورو.
بقي أن نشير إلى أن مستوى اليورو كان في تصاعد منذ أن أطلق قبل 11 عاما، إلى أن الأزمة الأخيرة أطاحت به من عرشه غير المتوج، وعاد إلى مستوياته عند قبل 4 سنوات، وسط توقعات باستمرار الانخفاض خلال الفترة المقبلة، وغير بعيد ما قالته المستشارة الألمانية من أن الاتحاد الأوروبي يتعرض لأسوأ أزمة تعرض لها منذ 50 عاما، فأين سترسو مراكب اليورو؟ وما المستقبل الذي ينتظر العملة الأوروبية المشتركة؟
هبط اليورو.. ارتفع اليورو.. البعض يرى أن اليورو يواجه صعوبات.. اليورو يتعرض لهجوم، وهناك مشكلة تواجه العملة الأوروبية الموحدة، وهناك أزمة ثقة، وتصريحات بعض من المسؤولين الأوروبيين تقول إنه لا توجد أزمة ثقة. هذا التضارب وهذه الحيرة تطرح كثيرا من الأسئلة حول مستقبل اليورو، بل ومستقبل الوحدة الاقتصادية الأوروبية، في ظل مطالبة بعض الدول الأعضاء في منطقة اليورو التي تضم حتى الآن 16 دولة، بحماية المنطقة بأسرها، ووصل الأمر إلى التلويح بالكارت الأصفر، وتهديد بالطرد لكل من يتسبب في عدم استقرار المنطقة وما يترتب على ذلك من تأثيرات مباشرة على اليورو. وهو الأمر الذي تسببت فيه الأزمة اليونانية الأخيرة. ولكن، هل يمكن أن يحدث ذلك وتتقدم دولة عضو في التكتل الموحد بطلب لطرد دولة من منطقة اليورو أو من الاتحاد الأوروبي؟ أو، هل يمكن أن تتقدم دولة ما بطلب يتضمن الانسحاب من منطقة اليورو، وهل يحمل تراجع أسعار اليورو أي ايجابيات؟ ولمن بالتحديد؟ كل هذه الأسئلة تشغل بال عدد كبير من رجال المال والاقتصاد سواء داخل المجموعة الأوروبية أو خارجها، وتشغل أيضا بال المواطن الأوروبي، خاصة دافع الضرائب الذي يدفع فاتورة إنقاذ الدولة التي تتعثر وتواجه أزمة عجز في الموازنة على غرار ما حدث في اليونان، خاصة في ظل مخاوف من تكرار المشهد في دول أخرى مثل إسبانيا والبرتغال وإيطاليا وغيرها، والشيء الوحيد الذي اتفق عليه كثير من المراقبين للتطورات الأخيرة التي تعرضت لها العملة الأوروبية الموحدة، هو أن تراجع سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأميركي قد ينطوي على بعض الإيجابيات، خاصة بالنسبة لقطاع الصادرات، على الرغم من الآثار السلبية لذلك على الوضع المالي والاقتصادي الأوروبي. ويقول أماديو ألفاتاج، الناطق باسم المفوض الأوروبي المكلف الشؤون النقدية والمالية أولي راين، إن المفوضية لا تعلق على الحركة اليومية للأسواق وأسعار الصرف، لكنها تساهم بفاعلية في العمل الرامي إلى الحفاظ على الاستقرار النقدي لمنطقة اليورو. وأشار الناطق إلى أن المفوضية تدعم التوجهات من أجل إرساء إدارة مالية أوروبية صارمة وواضحة، ليس فقط لمنطقة اليورو، بل لدول التكتل الموحد كافة.
وتعليقا على عدم قدرة المخطط الأوروبي الذي تم إقراره الأسبوع الماضي على وقف تدهور العملة الموحدة، أكد الناطق أن عملية استعادة الثقة في اليورو من قبل المستثمرين «لا يمكن أن تتم بسرعة، فالأمر يحتاج إلى وقت»، وأوضح أن المفوضية تساهم في العمل من أجل ضبط عجز الموازنات الوطنية للدول الأعضاء ورفع قدرتها التنافسية، و«من هنا جاء اقتراحنا القاضي بإعداد استراتيجية أوروبية للنمو الاقتصادي أو ما يعرف بـ(أوروبا 2020)». إذن تهاوي قيمة اليورو خلال الأشهر الأخيرة ليس سيئا في كل الأحوال. دول مثل ألمانيا التي تعتمد كثيرا على الصادرات لا تأبه بتدهور قيمة العملة لأن ذلك يشجع إقبال الدول التي تقع خارج منطقة اليورو على شراء منتجاتها. وأسهم مجموعة الدفاع والطيران الأوروبية «إي أي دي إس» هي الأخرى انتعشت كثيرا بعد تدهور اليورو نتيجة توقع المستثمرين ارتفاع الطلب على الطائرات التي تصنعها. ويقول الخبير الاقتصادي الفرنسي ألان كروزا: «حتى الساعة لا تعتبر البنوك المركزية العالمية أن تدني قيمة اليورو يمثل مشكلة، ولكن المشكلة تكمن في أن الأميركيين هم الذين سيتحركون أولا ليقولوا إنهم لا يحبذون رؤية قيمة عملتهم ترتفع كثيرا لأن ذلك سيضر صادراتهم. ووقتها سندخل في لعبة القوى العالمية لتحقيق توازن بين العملات». ويأتي ذلك بعد أن هوت العملة الأوروبية الموحدة في تداولات الأيام القليلة الماضية إلى أدنى مستوياتها في أكثر من أربعة أعوام حيث عادلت دولارا واثنين وعشرين سنتا قبل أن تسترجع بعضا من خسائرها لاحقا. ويقول خبير الأسواق المالية أوليفر روث: «يظهر أن اليورو سيواصل سقوطه، لأن لدينا أزمة ثقة كبيرة في اليورو. استقرار اليورو بني حتى الساعة على التزام الدول الأعضاء واستقلال البنك المركزي الأوروبي. وكلا الطرفين عانى كثيرا في الأسابيع الأخيرة». بينما يرى رئيس سلطة الأسواق المالية الفرنسية أن مستوى اليورو الحالي مقبول جدا، إلا أن سرعة تدهوره هي التي تثير المخاوف. ويدافع رئيس مجموعة دول اليورو جان كلود يونكر عن «مصداقية» اليورو عقب الاجتماع الذي خصص لمناقشة تفاصيل خطة «تحصين» العملة الأوروبية الموحدة. وقال يونكر: «اليورو عملة ذات مصداقية، واستقرار الأسعار تم ضمانه بشكل كامل، وسنظل على هذا المنوال في المستقبل. هذه الخاصية هي الأهم في اليورو بجانب ثقله أمام المستثمرين».
من جانبه، يؤكد مدير صندوق النقد الدولي دومينيك شتراوس أنه يتعين على الأوروبيين الاستفادة من الأزمة الراهنة لتجديد مؤسساتهم. ويذهب إلى أبعد من ذلك مسؤول صندوق النقد الدولي في مقابلة مع إحدى محطات التلفزة الأوروبية ويقول: «آمل في أن يستفيد الأوروبيون من الأزمة لتجديد المؤسسات الأوروبية». وأضاف: «توجد عملة موحدة، لكن لا يوجد إطار اقتصادي يجعل هذه العملة باقية عندما تواجه أزمة مثل الراهنة». وأوضح شتراوس أن الأزمة «شيء سلبي، بالتأكيد»، لكنه أفاد بأنه «يوجد شيء إيجابي يظهر عنها». وأضاف أن الشيء الايجابي «هو أن كثيرا من السياسيين الأوروبيين والزعماء النقابيين ورجال الأعمال والأكاديميين يدركون الآن أنه، إذا ما كنا نرغب في جعل أوروبا تعمل، فمن الضروري أن يتم إنهاء ما بدأ عند إطلاق اليورو». ولا توجد قواعد قانونية حاليا يمكن على أساسها طرد دولة عضو من الاتحاد الأوروبي أو منطقة اليورو، على الرغم من أن الاتحاد يستطيع تطبيق عقوبات على دولة لا تطبق القواعد ومن هذه العقوبات مثلا تعليق حقوق التصويت. وحسب البعض، يبدو أن اليونان خرقت قواعد منطقة اليورو بعد أن كشفت حكومة جورج باباندريو أن عجز الموازنة في 2009 بلغ 12.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي ارتفاعا من تقديرات الحكومة السابقة التي قالت إنه بلغ 3.7 في المائة قبل بضعة أشهر، في حين أن الحد الأقصى المسموح به هو 3 في المائة. وتوجد حاليا آلية طوعية للخروج من اليورو على الرغم من أنها معقدة كما جاء في اتفاقية لشبونة التي أقرت في العام الماضي بعد أن وافق عليها استفتاء عام في أيرلندا وصدقت عليها بولندا وجمهورية التشيك. وسبق أن طالب عضو في البنك المركزي الأوروبي بتشديد القواعد على الدول الأعضاء بمنطقة اليورو.
وقال محافظ البنك المركزي الإيطالي ماريو دراغي، وهو أحد المرشحين لرئاسة البنك المركزي الأوروبي في مقابلة مع صحيفة «هاندلسبلات» الألمانية للأعمال، إن من السابق لأوانه التحدث عن تفصيلات، لكنه أكد ضرورة جعل نظام المنطقة مناسبا أكثر للتعامل مع التطورات الجديدة. ويعتبر دراغي من أقوى المرشحين لخلافة الرئيس الحالي للبنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه الذي تنتهي فترة رئاسته في أكتوبر (تشرين الأول) 2011. وتطالب ألمانيا أيضا بتشديد نظم المنطقة بعدما أثبتت الممارسات أن معظم الدول خرقت هذه القواعد. وتشدد مسؤولون ألمان في طلباتهم لدرجة أنهم دعوا إلى إيجاد قواعد جديدة تسمح بطرد الدول التي لا تلتزم بقوانين المنطقة في الوقت الذي تلقي فيه الدول الواقعة تحت طائلة الديون مثل اليونان وإيطاليا باللوم على اليورو في تفاقم مشكلاتها.
ويرى بعض الاقتصاديين أن الاستقلال عن اليورو سيكون نقمة أكثر من كونه نعمة؛ فبدلا من إطلاق الأمل بخفض سعر العملة الوطنية في الدول التي قد تترك اليورو من أجل دعم الصادرات، فإنها قد تتعرض لمشكلة أكبر تتمثل في هرب رؤوس الأموال ونشوء مشكلات إدارية قد تؤدي إلى الشلل الاقتصادي.
ويلقي تجار في الدول التي اعتصرتها أزمة القروض مثل اليونان وإيطاليا باللوم على اليورو في مشكلاتهم الاقتصادية ويتمنى بعضهم العودة إلى عملاتهم الوطنية التي ألغيت بعد إصدار اليورو. ويرى اقتصاديون أن الانسحاب من منطقة اليورو حاليا يعنى انهيارا اقتصاديا يجعل الدول المستقلة تتوق للعودة إلى منطقة اليورو بقيودها. فبالإضافة إلى المشكلات الإدارية التي يعنيها الانسحاب من منطقة اليورو، فإن المستثمرين في الدول المستقلة عن اليورو سوف يصرون على الحصول على فائدة عالية جدا على الدراخما اليونانية أو الليرة الإيطالية للاحتفاظ بها بدلا من اليورو، مما يعني صعوبة شديدة في حل مشكلة الديون. وقد يؤدي انسحاب دولة عضو من اليورو إلى أزمة شديدة في قطاع البنوك، فقد يتسابق المستثمرون إلى سحب أموالهم باليورو خوفا من تحويلها إلى عملات محلية بأسعار صرف منخفضة، ناهيك باحتمال رفض المستثمرين للاستثمار في دولة يمكن لقيمة عملتها أن تنهار فجأة. ويقول بعض مؤيدي فكرة احتفاظ الدول بعملتها القومية بأنه يمكن استخدام العملة القومية هذه في خفض قيمة المديونية المقومة بهذه العملة. لكن هذا المثال ينطبق فقط على بلد مثل آيسلندا التي تبحث حاليا الانضمام إلى منطقة اليورو والتخلي عن عملتها. وقد تفضل مثل هذه الدول تصديق ما يقوله الاقتصاديون بأن خفض العملة القومية هو استراتيجية سيئة تعني ارتفاع تكلفة الاقتراض في المستقبل. وبالنسبة لليونان، فإن التخلي عن اليورو يجعل تسديد المديونية المقومة بالعملة الأوروبية أصعب، ويعني أيضا شراء اليورو بدراخما رخيصة القيمة. إضافة إلى ذلك فإن عضوية اليورو تعود بالنفع غير المرئي على الدول الأعضاء. ويقول رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه إن دولا مثل اليونان تستطيع الاقتراض بسعر فائدة رخيص من البنك، كما تجد سهولة في الوصول إلى أمواله. فقد تعرضت أيرلندا، على سبيل المثال، لركود اقتصادي عميق مع انفجار الأزمة العقارية، لكن الأزمة لم تدفعها إلى شفير الإفلاس مثلما حدث في آيسلندا، بسبب أن عضويتها في اليورو خففت من آثار الأزمة.
* قصة اليورو في 40 عاما
* فكرة العملة الأوروبية الموحدة اليورو قديمة بعمر الاتحاد الأوروبي نفسه، لكن بدأ تطبيقها عمليا في عام 1970 من خلال «خطة فيرنر» التي طرحها رئيس الوزراء اللوكسمبورغي بيير فيرنر، التي كانت نواة الاتحاد الاقتصادي والنقدي الأوروبي. كان أمل هذه الخطة تطبيق عملة موحدة في الاتحاد الاقتصادي الأوروبي بحلول عام 1980. لكن سرعان ما انهارت الفكرة وحل محلها عام 1972 اتحاد تصريف العملة الأوروبي ولاحقا عام 1979 النظام النقدي الأوروبي. هدف النظام النقدي الأوروبي كان المحافظة على استقرار العملات المحلية. لتحقيق هذا الهدف، تم إنشاء عملة نقد شكلية لحساب تصريف العملة تحت اسم الإيكو (ECU)، التي من الممكن على المرء وصفها بأنها العملة الأوروبية الموحدة السابقة لليورو. في عام 1988 تبنت اللجنة الأوروبية تحت رئاسة جاك ديلورس ما يسمى بـ«تقرير ديلورس». هذا التقرير وضع الأساس لتطبيق تنفيذ العملة الأوروبية الموحدة من خلال تطبيق ثلاث مراحل.
المرحلة الأولى لنشأة اليورو، تمت في الأول من يوليو (تموز) 1990 من خلال اتفاق يسمح بتنقل رؤوس الأموال بين دول الاتحاد. في 1 يناير (كانون الثاني) 1994 بدأت المرحلة الثانية من خلال تأسيس المؤسسة النقدية الأوروبية، التي كانت سابقة لتأسيس البنك المركزي الأوروبي في ما بعد. في 16 ديسمبر (كانون الأول) 1995 تم الاتفاق على تسمية العملة الجديدة بـ«اليورو» (Euro) بدلا من الاسم القديم وذلك بعد مداولات طويلة. كانت هناك أسماء أخرى كثيرة مقترحة، من بينها «فرانك أوروبي»، «غولدن أوروبي»، «كرونا أوروبية». لكن اتفق المجتمعون على ألا تكون التسمية الجديدة للعملة المقترحة منسوبة لأي عملة موجودة في إحدى الدول الأعضاء. فرنسا اقترحت إبقاء الاسم الذي استعمل طيلة هذه الفترة «الإيكو»، لكن كل هذه الاقتراحات فشلت إلى أن اقترح وزير المالية الألماني تيودور فايغل الاسم «يورو». في 13 ديسمبر 1996 اتفق وزراء الاتحاد الأوروبي على معاهدة المحافظة على استقرار اليورو، التي نصت على محافظة الدول الأعضاء على استقرار اقتصادياتهم المحلية وبالتالي سعر صرف اليورو. المرحلة الثالثة تشكلت مع انعقاد المجلس الأوروبي في ما بين 1 و3 مايو (أيار) 1998 واتفاقه على بنود إضافية، أهمها تحديد الدول المطبقة للعملة والاقتصاد الموحد. في يونيو (حزيران) 2000 قرر المجلس الأوروبي ضم اليونان للدول الداخلة في الاتحاد النقدي والاقتصادي ابتداء من عام 2001. وفي الأول من يناير عام 2009 تم اعتماد اليورو كعملة رئيسية في سلوفاكيا. في الأول من يناير 1999 تم تحديد قيمة اليورو مقابل العملات المحلية للدول الأعضاء وأصبح اليورو منذ ذلك اليوم عملة بنكية لأول مرة. في اليوم التالي قامت بورصات فرانكفورت وباريس وميلانو بتدوين قيمة الأوراق المالية باليورو، كما تم ربط العملات المحلية في الدول الأعضاء باليورو بدلا من الدولار. سُمح أيضا منذ ذلك التاريخ بفتح حسابات في البنوك بالعملة الجديدة. بدأ توزيع العملة الجديدة على البنوك والمؤسسات المالية في الدول الأعضاء منذ النصف الثاني لعام 2001، وفي شهر ديسمبر من العام نفسه بدأت البنوك بيع عينات من العملة الجديدة للجمهور.
بدأ التداول الرسمي لليورو في 1 يناير 2002، وأصبح العملة الرسمية في الدول الأعضاء بدلا من العملات المحلية، أي تم وقف قبول الدفع بالعملات القديمة إلا في أماكن معينة (كالبنوك مثلا). استبدلت البنوك المركزية في الدول الأعضاء في الفترة اللاحقة اليورو بالعملة القديمة لكل دولة. هذه الفترة مختلفة من دولة إلى أخرى؛ في ألمانيا على سبيل المثال سمح باستبدال المارك الألماني حتى عام 2005.
* اليونانيون يترحمون على عملتهم المحلية
* أثينا: عبد الستار بركات
* في الوقت الذي اختلفت فيه الآراء حول نضوج اليونان لتغيير عملتها من الدراخمة إلى اليورو في مطلع عام 2001، أكد الكثير من رجال المال والاقتصاد المحليين في البلاد أن الوضع المالي بالنسبة لعامة الشعب اليوناني كان أفضل بكثير وقت التعامل بالدراخمة مما عليه الآن مع اليورو.
فعند إعلان اليونان تغيير عملتها الوطنية، وفرحة الحكومة بهذا الشيء، كان قلب الشعب اليوناني ينبض من الخوف والقلق، حيث غيرت العملة أسعار كل شيء في البلاد إلى الأعلى، وعند نزول العملة في الأسواق كان اليورو الواحد يساوي نحو 341 دراخمة، الشيء الذي جعل اليونانيين ينفقون من دون حساب نظرا لفارق الأرقام.
كما فرض اليورو أسعارا جديدة على السلع في اليونان، فمثلا الشيء الذي كان يباع بـ100 دراخمة تقريبا (35 سنتا) أصبح يباع بيورو واحد. وهذا معناه ارتفاع الأسعار إلى ثلاثة أضعاف، وبدأ المستهلك اليوناني يشعر بذلك تدريجيا إلى أن تفاقمت المشكلة وأصبحت القروض وبطاقات الائتمان هي الحل الوحيد للخروج من الأزمات المالية للأسر، وأصبح المواطنون اليونانيون يعانون من زيادة الديون والأعباء المالية.
وردا على سؤال «الشرق الأوسط» عن أفضلية المعيشة وقت أن كانت عملة الدراخمة أو اليورو حاليا، ذكرت أنجليكي مكسي، وهي صاحبة متجر في وسط أثينا، أن الوضع حاليا سيئ للغاية ولا يوجد عمل، ومنذ عدة أشهر وهناك معاناة من الركود في السوق وكل زملائي في المهنة. وأشارت، وفقا لوجهة نظرها، إلى أن السبب هو اليورو، ولذا كان أفضل أن تبقى اليونان تستخدم عملة الدراخمة، فكان وقتها كل شيء على ما يرام.. وفقا لما قالته.
أما ديميتريس سكارابريديس، وهو متقاعد، قال «اليورو جاء إلينا في اليونان ليجعلنا عبيد أوروبا، كانت الدراخمة عملتنا الوطنية التي عشت بها كل حياتي في فرح وسرور، وها أنا الآن في تقاعدي أعاني من النتائج السلبية لانضمام اليونان لعملة اليورو، وأتمنى أن نرجع ثانية إلى الدراخمة ونبتعد عن الأوروبيين».
دنيا الوطن